منتديات انين الروح - ليلة عرس (قصة)
منتديات انين الروح

منتديات انين الروح (https://anin-ro7.com/vb/index.php)
-   › منقولات أدبية (https://anin-ro7.com/vb/forumdisplay.php?f=32)
-   -   ليلة عرس (قصة) (https://anin-ro7.com/vb/showthread.php?t=1218)

محروم 07-18-2022 07:42 PM

ليلة عرس (قصة)
 
كان شهاب ومحمد شابَّين في ربيع عمرهما، جمعتهما صداقة قدرية، جاءت بمحض الصدفة على الرغم من اختلاف دراستهما، لكن هذه الصداقة قد بَقِيَت، واعتادا الجلوس مساء كلِّ ليلة جِلسةَ الفراغ القاتل، يُفعمها رُوح التلاقي ومودَّة اللقاء، لقاء اعتياديٌّ لكنه ضروريٌّ، يشعُّ - وَفقًا لرؤى أفلاطون - بالحكمة المتدلِّية على رصيفٍ بالٍ أَكَلَ عليه الزمان وبالَ بين حقول اشْرَأَبَّتْ بهموم الفلاحين، وبحرينِ تباعدت أطرافهما، تغوصان فيهما زبالة الآدميين، وسيقان العذارى الْمُدَمْلَجةِ المتدلِّية بأطباقهن المتَّسخة، يتبادلان كلَّ شيء، تلك الحسابات المعقَّدة المتعلِّقة بنفقات زواج محمد يُخالطها شكوى وحُلمٌ وأملٌ وكفاحٌ، وحبٌّ مُفعم برُوح التحدِّي أحيانًا، ومقتولٌ بضيق اليد أحايينَ أخرى.

حلمُ طالِبَيْ علمٍ تُنغِّصهما المتاعب، ويَطحنهما واقعٌ مؤلم، ومستقبل هلاميٌّ غير محدَّد الأبعاد، يأس يُخالطه ضحك وبكاء، وصراخ يَعتلج بداخلهما، لكن اتَّزانهما ما يزال قائمًا، جبروت داخليٌّ عجيب، حزن يُمزِّق أحشاءهما، لكن الفم لا يتأوَّه، ويظل صامتًا في وقت النزف، أو يدَّعي الصمت، ويتفوَّه بكلمات حمقاءَ بلا مَغزى، يداري بقناعها أتُّونَه الملتهب.

تكاشَفا منذ اللحظة الأولى، وتيقَّنا من استحالة هذه الحسبة - حسبة الزواج المضنية - ورجعا في النهاية إلى الحجرة الصغيرة التي كانت تجمعهما في المنزل الريفيِّ المعطَّر برَوث البهائم، وأصواتها المجلجلة في بيت محمد، أو يفترقان ويأوي كلٌّ منهما إلى سريره في أحايينَ أخرى.

كانا يتبادلان دائمًا ذكرياتِ الأمس، وأحداثَ ليلة غابرة لم يَلتقيا فيها، ونهارٍ مليءٍ بكل شيء، المرأة الخبيثة قبل الحسنة، والرياء والوفاء، والصدق والخيانة، والنفاق والأكاذيب، والأحداث الموجعة قبل المفرحة، والليالي السالفة التي لا تُنسى، وذكريات ليالٍ - باتَا فيها على أرصفة التحرير - تُوِّجتْ بثورة حقَّقت حُلمًا كان بعيدَ المنال، وبضِفاف نيلٍ بعيد عن حُمق العاصمة، ونِيلها المكبَّل بالأسوار الحديدية، ونفاق مَن حوله، وأحضان، وقبلات، وزَفرات مَنْ يدَّعون الحب على أرصفته.

كانت ليلة تحمل بين طيَّاتها حُلمًا وأملًا وصدقًا وحياةً، لكنها سَرعان ما تحوَّلت إلى نفاق وكذب ورياء، تهاوت كزجاج العربة المتهشِّم في تلك الليلة؛ لتخبرهما بأن طريقهما واهٍ كزجاجٍ تساقَط فلم يبقَ منه شيءٌ!

كثيرة تلك الذكريات بينهما، فيها كل ما يُبهج وما يُحزن، اتَّفقا دائمًا على الصدق والحب واختلفا، لكنهما ظلَّا شِقَّين متلازمين، يتبادلان الحبَّ الخاليَ مِن نفعيَّةِ مَن حولَهم، يَحمِلان لبعضهما بعضًا الاحترام، وتجمعهما الحرية، ويُفرقهما النوم، ذكريات بلا حدود تتعمق جذورها بداخلهما، وتتعلق تفاصيلها بأفئدتهم، وتظل تجربتها عالقة بأذهانهم، ولا سيما ليلة الحلقة المفقودة، ليلة العرس واللا عرس، ليلة الأكاذيب والنفاق، ليلة الدين المطَّاطي - لوالد العروس - المفعم باللا دين، شكلي كعاهرة في طريقها المظلم، فتبدو بِطلائها شريفة، ويَضيق رَحِمُها بقذارات ليال سُود تهاوت فيها على فراش الرذيلة!

استرجع شهاب أحداث تلك الليلة - ليلة خِطْبته التي تلاشت كسرابٍ - لِحية والد العروس النابتة في صمت، والابتسامة المهذبة، والبيت المتواضع، وطبق الفاكهة البدائي، ومنبر الوعظ الذي صكَّ به والدُها أُذنهم طيلة الجلسة التي سَرعان ما تبدَّدت كلماتها، وفرَّ الدينُ هاربًا أمام جحافل المال المحرقة، فضحِك ضحكةً أفقدتْه وقارَه، غير مبالٍ بمن حوله، ثم رفع أوراقًا تحمل بين طيَّاتها سهر ليالي مذاكرة لطلاب يَكتنفها الخوف والقلق والتربُّص والأمل، وأغلق كشوفًا تُسطِّر بين خاناتها درجات عذارى تنتظر أن تحمل لأبيها (الليسانس)؛ لتخفف عنه وَطأة أربع سنوات عِجاف أثْقَلت كاهله، وأحلام فتاة تَنتظر بشغفٍ نتيجتها؛ لتَهوي بحبيبها إلى فراش الزوجية المبهج، وأخرى تنتظر في ساحة العنوسة بَعلًا ينقذها من دوَّامة الانتظار، وحلم شابٍّ تهاوى في مرحاض الواقع، فأصبح عاطلًا في طابور طويل، حاملًا شهادته بين يديه متَّجهًا إلى ميدان التحرير!

حياة زاخرة لشهاب نهايتها طريق ممتدٌّ يسير فيه منفردًا، ويحاول أن يدرك أبعاد المعادلة؛ لكنها - على الرغم من صعوبتها - أصبحت واقعًا، وها هو ذا الحلم قد تحقَّق، وساق محمد زوجه إلى فراش الزوجية، وأصبح بعدها وحيدًا، يخطو بخطوات حثيثة، مُتسريًّا ببقايا الذكريات في طريقه اللامتناهي، ينظر إلى القمر القابع في كبد السماء، ويتذكر ليلة عرس تهاوى فيه صديقُه على فراش الزوجية، فتدور مشاهدها أمام عينيه: البدلة السوداء، والقميص المُستعار، ورباط العنق الذي ظلَّا طويلاً يحاولان إحكام ربطِه، وفستان أبيض تتدلَّى أهدابه على الأرض، وسرير مستدير يبتسم في صمت.
" انتهت القصة "

انين الروح 07-18-2022 08:06 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 





ألف شكر لك على هذا الطرح المميز
تسلم الانامل على الذوق الرفيع
و الابداع والتميز يعطيك الف عافية
ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
دمت ودام لنا تميزك
لروحك أكاليل الورد

مع تحياتي
انين الروح

https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





سمو الروح 07-19-2022 03:06 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
اهنيك على روعة القصة
جهد تشكر عليه
دمت بروعة طرحك
أكاليل الزهر انثرها بمتصفحك

https://up.sham-alro7.com/do.php?img=3788

محروم 07-24-2022 07:01 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
انين الروح

يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم 07-24-2022 07:02 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
سمو الروح

يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

ورد 07-28-2022 11:26 AM

رد: ليلة عرس (قصة)
 

محروم 08-05-2022 07:20 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
ورد

يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

أمير المحبه 09-22-2022 11:06 AM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
طرح قمه الروعه في والجمال
سلمت اناملك ويعطيك العافيه علي مجهودك
في أنتظار المزيد
من عطائك والمزيد ومواضيعك الرائعة والجميله
ودائما في إبداع مستمر

فرح 09-22-2022 05:32 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
تحيآتي والف شكر أسعدني طرحك الرآقي
لآعدمنآك بإنتقآئك الجميل الرآئع
لآ خلآ ولآ عدم ننتظر جديدك
بشوق الله يعطيك
العآفية

محروم 09-28-2022 06:22 PM

رد: ليلة عرس (قصة)
 
امير المحبة
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير


الساعة الآن 11:00 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع ما يطرح في منتديات انين الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

mamnoa 2.0 By DAHOM