الدنيا في كلمتين... "بقلمي"

هذا بالتحديد ما ذكره الله عز وجل بآية كريمة أخرى أكثر وضوحا
و أقوى دلالة و أعظم أثرا حيث قال :

" قل لا يستوي الخبيث و الطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث "
سورة المائدة [ آية 100 ]

أي أبلغهم يا محمد أن الخبيث والطيب لا يستويان مثلا و معنى
ولا قدرا و مكانة عند الله عز وجل ولو أعجبك [ أي أثار عجبك و دهشتك ] كثرة
الخبيث و تفوقه على الطيب في مرآى الواحد منا في الحياة الدنيا

يقول الداعية عبد المحسن الأحمد في محاضرة له :
[ الخبيث كثير و الطيب قليل .. و يقول العظيم الجليل " لا يستوون " ]

فمن غير المعقول أن يتساوى الاثنان في النتيجة إن لم يكونا قد تساويا
من قبل في المعنى و الجوهر ولا حتى الشكل و اللفظ

فكيف يطمع مثل أولئك بدخول الجنة بعد أن استمتعوا بالدنيا حلالها
وحرامها و ذهبوا بطيبات العيش و قيم العبودية و نبذوها وراء ظهورهم
وضربوا بها عرض كل حائط قابلهم

فيكونون على استحقاق تام لقول الله عز وجل :

" أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا و استمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون "
سورة الأحقاف [ آية 20 ]

والجزاء دوما من جنس العمل فلا يكون الجزاء حسنا إلا إن كان الفعل حسنا
ولا يكون الجزاء عذابا و ذلا و إهانة إلا على أفعال استوجبت أن تكون هذه
هي النتيجة النهائية ...

كما قال تعالى :

" جزاء وفاقا "
سورة النبأ [ آية 26 ]

وقال :

" هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "
سورة الرحمن [ آية 60 ]

سُئل أحد الدعاة يوما :
إننا إن عبدنا الله أو عصيناه كان لنا أجلا نحن بالغوه
ومهما بلغ بنا العمر فإن المرد إلى الله و المنتهى إلى الموت
الذي بعده البعث والحساب

فلماذا نعبد الله أو نعصيه 60 أو 70 أو حتى 100 أو 1000 عام
ثم يكون النعيم أبدا أو العذاب أبدا ؟؟؟

أين العدل في هذا و أين المنطق ؟؟؟

فكان جواب الداعية الحكيم العالم بربه الرحمن الرحيم عز وجل :

إن الله عالم بنفوس عباده و بماضيهم قبل أن يخلقهم و مستقبلهم
بعد الممات و يعلم أيضا طبيعة عمل كل واحد منهم إن كان قد وهبهم
الخلود في الحياة الدنيا فالعبد البر التقي لله سيظل مهما عمره الله على
بره و تقواه و مراقبته و خشيته و خوفه ورجائه مهما استمرت به الحياة
وطال به العمر و امتد له الأمد في العيش و الذي يقتصد في أعماله و يبخل
على نفسه في الاستزادة و يزل بقدم في وحل المعاصي مرة و يغسلها
بالتوبة والأوبة والاستغفار مرة فإنه سيبقى على اقتصاده وبخله على نفسه
ما امتدت له الحياة كذلك ولو كتب له الخلود لبقي على ما يفعل و الأمر
ذاته على من خبثت نفسه و فسدت أعماله باتباع الهوى و الانغماس في
المحرمات دون أي تأنيب ضمير أو خوف من العلي الكبير سبحانه وتعالى إما
استهانة بعقابه أو استبعادا للقائه أو أمنا من مكره و انتقامه وفي كل الأحوال
فهو خبيث نفس خبيث عمل و يلقا الله ساقطا لحم وجهه خجلا يوم تعرض
صحائف قبائحه أمام الله تعالى و قد يصل به الحال من بغض الله له أن يصرفه
عن الوقوف بين يديه فلا تناله الرحمة التي ينالها الماثلون بين يدي الله
في وقفة الحساب والعتاب تلك فيكبته الله بحسرته ثم يكبه في جهنم
والعياذ بالله ولو رده الله إلى الحياة الدنيا لعاد إلى ما كان عليه مهما أقسم
بالله أنه لن يعود و لذلك كان يجب للمحسنين الخلود في النعيم و للمقتصدين
عفوا بقدر ما يراه الله تعالى بحسب عدله و حكمته و للمسيئين ذلا و هوانا
وخلودا في العذاب ... انتهى

سلم الفكر و البنان و أعتذر على الإطالة لكني أحببت المشاركة بما أعرف

كل الود و التحية وجل التقدير لك يا صاحب القلم القيم

سمير العباسي معجب بهذا